السكن العشوائي هو عدم توفر الحد الأدنى من الخدمات الأساسية في التجمعات السكنية بالإضافة إلى عدم تحقيق المستوى الأدنى من الجودة والتي تعتبر ضرورية لتحقيق الحد اللازم من شروط الراحة و الصحة والأمان. وذلك بإنشاء مباني لا تتماشى مع النسيج العمراني، وبشكل مخالف لقوانين التنظيم والتعمير والصحة والسلامة العامة.
وهناك من يحبذ استعمال لفظ السكن الغير اللائق بدل السكن العشوائي وأعتقد أن التسمية التي يجب إطلاقها على هذه الظاهرة هي السكن الاضطراري، وذلك لما يصادفه المواطن من عراقيل وصعوبات و مشاكل يضطر معها للجوء إلى هذا النوع من السكن.
وجماعة سيدي بيبي واحدة من المناطق التي تعاني من ظاهرة العشوائي، التي انطلقت أولى شراراته مع ميلاد الربيع العربي سنة 2011، مخلفة ألاف البنايات العشوائية عبارة عن صناديق إسمنتية تفتقر للحد الأدنى من شروط العيش والسلامة .
هذه التجمعات السكنية العشوائية، أضحت تشكل عائقا في وجه التنمية بالمنطقة، مما يستوجب الوقوف على الأسباب الحقيقية التي أدت إلى ظهورها، ونستعرض من بينها:
– عجز الدولة عن توفير سكن لائق لشرائح واسعة من المواطنين الذين يتصفون بضعف دخلهم والتي تقع على الدولة مسؤولية كبيرة في توفير سكن مناسب ولائق لهم.
– الارتفاع الحاد لأسعار الأراضي المجهزة بسبب المضاربات العقارية مما يضطر شريحة واسعة من المواطنين الفقراء للبحت عن قطعة سكنية خارج الحدود المجهزة، يمكن بناؤها بالإمكانيات الذاتية.
– غياب دعم الدولة لقطاعات الإسكان العامة المخصصة لدوي الدخل المتدني.
– تعدد وتداخل المتدخلين في ميدان التعمير.
– غياب التكوين التقني والقانوني لدى المنتخبين وبعض المسئولين على القطاع.
– تسخير هذا القطاع من أجل تحقيق أغراض ذاتية وأهداف انتخابية على حساب المصلحة العامة.
– تعقيد المساطر والمراحل القانونية والإدارية مما يضطر المواطنين إلى سلك طرق ملتوية للوصول للغاية المنشودة.
– غياب تحديد المسؤوليات و توضيح مسؤولية كل الفرقاء المتدخلين في القطاع.
ومن خلال التتبع اليومي لما يحدث بتراب جماعة سيدي بيبي يمكن أن نستنتج أنه بعد أحدث دوريات المراقبة والتتبع من طرف السلطة المحلية، هذه الأخيرة التي تتكون من قائد المنطقة أو أحد نوابه وأعوان السلطة وعناصر من القوات المساعدة، وتنشط ليل نهار من أجل تغطية واسعة لبؤر العشوائي التي يمكن أن تتخذ من جنح الليل أو المناسبات الوطنية والدينية ستارا للانبثاق والنمو، عرفت الظاهرة توقفا مفاجأ مما أربك سحابات فئة كبيرة من المواطنين وكدا “الجشعين العقاريين” أو كما يطلق عليهم “المنعشين العقاريين”.
هذا التوقف الفجائي للبناء العشوائي جعل شريحة واسعة من الساكنة التي تمتلك صناديق إسمنتية، تطرق كل الأبواب من أجل إيجاد حلول تمكنها من إتمام بناء هذه “الوحدات السكنية” التي غالبا ما تكون مأوى لأصحاب السوابق وتجار المخدرات، ومكان لتنفيذ عمليات الاختطاف والاغتصاب لسهولة الولوج إليها.
من جهة أخرى تشكل هذه الوحدات حاجزا ومعيقا في وجه السلطات الأمنية، لصعوبة مراقبتها نظرا لكثرتها، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام تفشي الإجرام والدعارة والاتجار بالمخدرات.
ختاما يجب التفكير في سياسة إصلاحية للخروج من هذا النفق المظلم الذي سيجر على المنطقة وابلا من الحوادث الإجرامية والتي بدأت تظهر تجلياتها خلال السنوات الأخيرة ، وذلك باعتماد مقاربة تشاركية تقوم على إعداد إستراتيجية واضحة المعالم يتم من خلالها رصد جميع الحالات، وإيجاد حلول تناسب جميع الشرائح، ماديا وإداريا، مع الأخذ بعين الاعتبار الفئات الفقيرة أو منعدمة الدخل. صحيا بات من المفروض على وزارة الصحة إنشاء مستشفى يليق بالجماعة عوض المركز الصحي اليتيم الذي لايغني ولا يسمن من جوع، خصوصا وأن الساكنة تجاوزت الــ50 ألف نسمة من أمد بعيد، أما بخصوص الأمن فــ 14 دركيا تعد نسبة قليلة لنسمة كنسمة سيدي بيبي .
التعليقات مغلقة.