الصديق محمد بوطعام كما عرفته..

سعيد أهمان

قبل أكثر من 20 عاما التقينا بعدما عاد من مدينة أكادير ليستقر في مدينة تيزنيت ويتحمل شضف العيش ومشاق الحياة ومتاهتها، بعد تجربة عمل في مدينة أكادير لمدة ليست باليسيرة، في عمل خصوصي بشركة للنقل الحضري يدافع ليعلو صوت العامل وحقه ومستحقه.
اشتغل الصديق بوطعام مراسلا صحفيا يبحث عن المعلومة ويصيغ الخبر، بل ويتحقق منها، قبل أن ينشرها، قوام ذلك المصداقية والمسؤولية والاتزان. فكان منه أن بصم على ملفات نوعية في مساره الذي امتد لأكثر من عشرين عاما.
ومن بين الملفات التي حقق فيها التميز والسبق، دون غيره، الدقيق المدعم في أيت الرخا(وهي البلدة الريفية الجبلية التي ينتسب إليها والتابعة إداريا اليوم لعمالة سيدي إفني) وقضايا انتفاضة سيدي إفني/أيت باعمران زمن تشكل السكريتارية، وبعدها في أحداث المنطقة ومطالبها ساكنتها بإحداث عمالة، إلى جانب قضايا ملتهبة كان ثلة من المسؤولين لا يرضون أن تتفجر للعلن، حينما كان للصحيفة الورقية شأن، وللكتابة والتحرير ومصداقيتهما وقوة، في تجارب منها، حينما عمل مراسلا ليومية “الأحداث المغربية”.
وبينما شكل إلى جانب ثلة من الزملاء بالمدينة عام 2007 نادي الصحافة بتيزنيت، أسس أول تجربة في الإعلام الالكتروني بجنوب المغرب، فأخرج تجربة موقع “تيبريس” الإلكتروني. وهو ما سمح له المزاوجة بين التحرير والفيديو، بمساعدة ثلة ممن فسح لهم المجال ليتعلموا معه وإلى جنبه في موقع يحظى، وما يزال بسمعة ومصداقية، رغم كل محاولات إخراسه وإسكاته، بدعوى “الملاءمة” مع مستجدات مدونة الصحافة والنشر، الذي كان سببا في مطاردته.
في كل مرة يرغب فيها سي محمد بوطعام، فك الله أسره، أن ينشر خبرا أو يشتغل على تقرير أو ما شابهه، يتصل ليتحقق ويتأكد ويعاود ذلك بالاستعانة بأكثر من مصدر. وأنا شاهد على كثير من القضايا التي استشارني فيها، وقدمت له فيها الإفادة والتوجيه بكل صدق وبلا مراباة.
قوة كلمته ورغبته في الصدع بالقول الرصين، والكتابة المتزنة، جنت عليه غضب “مافيا العقار”، وبعض من المسؤولين الذين لم يألفوا أن ينتقدوا، أو ينشر عليهم وعلى مؤسساتهم التي يشتغلون فيها، أو تدبيرهم لقضايا، ما هو سلبي. فما كان من هؤلاء إلا أن يتحالفوا فيما بينهم من أجل الإيقاع به في أكثر من مناسبة.
ولعل المحاكمات ضده والتعويضات التي صدرت في مواجهته دليل على أن الهدف هو إخراس هذا الصوت الإعلامي الذي بقي وفيا لمهنة الأعلام، في زمن تهافت فيه المتهافتون، وباع فيه من نذر منهم حياءه قبل أن يبيع مبادئه.
ما يؤلم بعد كل هذا المسار لشاب لم يؤسس حياة الزواج إلا قبل أشهر قليلة، أن يسيج له قش في بحيرة يعرف حقيقتها قبل أن يلج اليوم الثلاثاء 4 ماي الجاري مقر الشرطة القضائية بالمنطقة الإقليمية لأمن تيزنيت، بعدما تحدثنا عن سيناريوهات ما بعد الذي حصل اليوم. ويتابع بتهمة “التدخل بغير صفة في وظيفة عامة طبقاً للفصل 380 من القانون الجنائي”.
يا عقلاء القانون، من قضاء واقف وجالس، ويا عقلاء “أيت تيزنيت” رفقا بهذا الرجل سي محمد بوطعام، فهو لا يملك إلا ما يكتبه من كلمات بصدق نافح وغيرة متقدة تحمل عمق رسالة الاعلام ونبلها. فأفرجوا عنه واطووا صفحة ما يعتمل صدور البعض، قد تتحول إلى حقد دفين وتصفية حسابات، ستعجل أملا من ألم كبير يئنون منه كل يوم.
أفرجوا عن محمد بوطعام..كفى هذا البلد جراحا وجوائح، فكرونا عرت ما بقي من آمال التي قد تتحول إلى آلام يصعب أن تندمل.


آخر المستجدات
تعليقات

التعليقات مغلقة.