تحت إشراف النيابة العامة ببيوكرى.. لقاءات نوعية تصنع الفارق، حين تجتمع قامات القانون وحقوق الإنسان والمجتمع المدني في رحاب العدالة
تكتسي تجربة النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية لمدينة بيوكرى، رغم حداثة الانطلاق، قيمة مضافة حقيقية للعمل القضائي بهذا الصرح المحلي الفتي، حيث نجحت – وفي ظرف قصير – في رسم معالم مقاربة قضائية متفردة هي محط الإشادة والتنويه.
فبروح منفتحة ومتجددة، استطاعت هذه المؤسسة القضائية بحاضرة إقليم اشتوكة أيت باها كسر الحواجز التقليدية بين أروقة العدالة ونبض المجتمع المحلي، مؤسسة لنموذج تشاركي فريد يجمع نخبة الفاعلين الحقوقيين والقانونيين والجمعويين.
ولعل ما يميز هذه التجربة الواعدة هو ذلك الحرص الاستثنائي الذي أبداه وكيل الملك، الأستاذ رشيد التيس، على خلق فضاء للحوار القانوني المنتج، ينبض بالقضايا المجتمعية الملحة، ويسهم في تعميق الوعي القانوني والحقوقي المحلي.
اللقاءات المتعددة التي احتضنتها رحاب المحكمة عكست جدية هذا التوجه: حماية الفئات الخاصة من النساء والأطفال، حقوق العمال المنزليين، والفكر القانوني الاستشرافي العميق حول العقوبات البديلة… مواضيع تمس شغاف المجتمع المحلي وتثير اهتمامه، ولم تعد حبيسة النصوص والتشريعات، بل تصبح محور نقاش مجتمعي بفضل إطلاق هذه المبادرة الرائدة.
ما يميز هذه اللقاءات النوعية هو ذلك المزيج النادر من الكفاءات المشاركة: قضاة مرموقون، أساتذة جامعيون، محامون بارزون، خبراء في حقوق الإنسان، وفاعلون مدنيون. تنوع يثري النقاش ويعمق الطرح، ويخلق مساحة للتفكير الجماعي الخلاق.
بهذا التوجه تبرز مبادرات النيابة العامة ببيوكرى كجسر حقيقي بين العدالة والمجتمع، مكرسة مفهوماً جديداً للمؤسسة القضائية: ليست فقط هيئة لتطبيق القانون، بل فاعلاً محورياً في نشر الثقافة الحقوقية وتعزيز قيم المواطنة.
تستحق هذه المقاربة التشاركية كل الإشادة والتقدير، فهي تمثل نموذجاً طليعياً في تحديث منظومة العدالة، وتجسد الوجه الإنساني للقضاء الذي يتفاعل مع قضايا مجتمعه بمسؤولية وحيوية، مقدماً إضافة نوعية حقيقية للمشهد القضائي الوطني.
فالعدالة المنفتحة والمتفاعلة هي الكفيلة بتعزيز ثقة المواطن في مؤسساته القضائية، وبناء مجتمع حقوقي متماسك يؤمن بسيادة القانون.
التعليقات مغلقة.