للمبدعة الأستاذة “مينة الحدادي” : إبداع جديد يكشف رحلة التحرر من الأثقال النفسية والاجتماعية

في عرض جديد يستحق القراءة والتحليل، تقدم الشاعرة مينة عضار النص المميز “خذي خيط الغيم” للأستاذة الكاتبة والشاعرة المبدعة، رئيسة فرع رابطة كاتبات المغرب باشتوكة أيت باها، مينة الحدادي، الذي يتألق بلغة غنية بالصور المجازية والاستعارات. يستكشف النص رحلة داخلية عميقة نحو التحرر من الأثقال النفسية والمادية، متناولاً التحديات الذاتية والاجتماعية. من خلال رمزية قوية، تدعو الحدادي القارئ للتأمل في معاني الحرية والشوق، مُظهرةً الصراع بين الرغبة في الانطلاق والحنين إلى ما هو مألوف. هذا النص يمثل تجربة شعرية فريدة، تعكس عمق التجربة الإنسانية وطموحات التحرر.

فيما يلي تقديم الشاعرة مينة عضار للنص الشعري”خذي خيط الغيم”:

النص الذي بين أيدينا هو نص شعري بامتياز، يزخر بالصور المجازية والاستعارات، ويعبر عن رحلة داخلية للشاعرة نحو التحرر من الأثقال النفسية والمادية. النص يحمل طابعًا رمزيًا وفلسفيًا، وهو يعبر عن رحلة تجاوز للقيود والتحديات التي تواجهها “السيدة”، سواء كانت هذه القيود ذاتية أو اجتماعية.

تحليل النص:

1. الصور المجازية والاستعارات:

“حذاؤك سيدتي موجع” و”دعي قدميك بلا نعل”: هنا الحذاء هو رمز للقيود أو الألم الذي يعوق السيدة، والإشارة إلى خلع الحذاء تعني التحرر من هذه القيود.

“محو الأسماء” و”حرق ذاكرة الشمس”: تعبر هذه العبارات عن رغبة في التخلص من الذكريات الماضية، من أجل بدء صفحة جديدة.

“نظفي طاولة الذكرى” و”اغسليها بالكلور”: هنا يأتي تصوير الذاكرة كشيء ملموس يمكن تنظيفه وتطهيره، في دلالة على الرغبة في مسح الماضي.

2. الدعوة للتحرر: النص يدعو السيدة للتخلص من قيودها وتحرير نفسها من الأثقال التي تحملها، سواء كانت ذكريات مؤلمة أو تحديات مجتمعية. يظهر هذا التحرر من خلال “مزقيه كي لا يلاحقك كمداس الطنبوري”، وهو استحضار لقصة شعبية عن رجل كان حذاؤه مصدر تعاسة له.

3. الرموز:

“تمثال الحرية”، “أقراط الروديوم”، “نوارس بلا مرافئ”: هذه الرموز تشير إلى مفاهيم أوسع مثل الحرية والبحث عن الانتماء أو الاستقرار.

“أخبري الوصيفات”: الوصيفات هنا ربما يرمزن للمجتمع أو الأشخاص المقربين، الذين يجب أن يعرفوا عن هذه التحولات الداخلية التي تمر بها السيدة.

4. النبرة العاطفية:

النص مليء بالعاطفة والحنين، كما يظهر في العبارات “أنت سيدة متخمة بدقة الشوق ولهفة الحنين”، ما يعكس الصراع الداخلي بين الرغبة في التحرر والإبقاء على بعض الأمور العاطفية التي لا يمكن التخلي عنها بسهولة.

استخدام كلمات مثل “حقائبك مطارات صدق وأقحوان” يرمز إلى أن هذه السيدة تحمل بداخلها مزيجًا من الصدق والبراءة والصفاء.

5. الخاتمة:

النص ينتهي بصورة “خذي خيط الغيم واعرجي به عالياً”، وهي دعوة صريحة للتواصل مع الأحلام والطموحات الرفيعة، حيث أن الغيم هنا رمز للتحرر والانطلاق نحو آفاق جديدة.

“دثري حلمك على أوراق القيقب”: القيقب رمز للخريف والتحول، ما يوحي بضرورة الحفاظ على الأحلام حتى في أوقات التحولات والتغيرات.

الخلاصة: النص يعبر عن رحلة نفسية للتحرر من القيود النفسية والذكريات المؤلمة، ويتناول موضوعات الشوق والحنين، الحرية، والتحول. الشاعرة توظف صورًا مجازية قوية واستعارات تعكس التوتر الداخلي بين الرغبة في التحرر والحفاظ على ما هو مألوف.

__________

النص الذي قدمته للشاعرة مينة الحدادي يحمل خصائص شعرية حديثة يمكن مقارنته بأسلوب بعض الشعراء الذين اهتموا بالتجديد والمجاز والتعبير عن تجارب نفسية عميقة. يمكن ملاحظة بعض أوجه التقارب بين هذا النص وبين أساليب شعراء مثل:

1. أدونيس:

يتشابه النص مع أعمال أدونيس في استخدام الصور المجازية المعقدة والرمزية العالية. أدونيس معروف بتجسيده للأفكار المجردة في صور مادية وحسية، كما يفعل النص حين يتحدث عن الحذاء كرمز للقيود.

من حيث الموضوع، النص يشبه أيضًا اهتمام أدونيس بالتحرر من الماضي والبحث عن الحرية والهوية الجديدة.

2. محمود درويش:

يشترك هذا النص مع شعر محمود درويش في تعبيره عن ثنائية الشوق والتحرر. درويش كان دائمًا يتحدث عن الحنين، الوطن، والتوق للحرية، ما يتقاطع مع نص الحدادي من حيث التعبير عن الانعتاق من القيود والتمرد على التقاليد.

كلا الشاعرين يستخدمان لغة بسيطة نسبياً ولكنها مليئة بالعمق الفلسفي والعاطفي.

3. نزار قباني:

يمكن ملاحظة تقارب مع نزار قباني من حيث الأسلوب الحواري بين المتكلم والمخاطب، وخاصةً في مخاطبة السيدة بشكل مباشر والتعبير عن تحررها الشخصي. نزار قباني ركز كثيرًا على قضايا المرأة وحرية الاختيار، وهذا النص يتردد في نفس الفضاء.

كذلك، وجود الجانب العاطفي القوي والحسي في النص يعكس تأثيرات نزار قباني في تأكيده على تجربة المرأة النفسية والعاطفية.

التقارب العام: النص يتشابه مع هؤلاء الشعراء من حيث استخدام الرمزية، العاطفة الجياشة، والصور الشعرية القوية التي تعكس حالة نفسية معينة مثل التحرر أو الصراع الداخلي. كما أن التعامل مع الزمن، الذاكرة، والألم الشخصي موضوعات شائعة بينهم وبين الشاعرة مينة الحدادي.

النص الشعري”خذي خيط الغيم”: 

حذاؤك سيدتي موجع

تمهلي

ارسمي خطى الوقت

توقفي قليلا …لنعي القصائد

و محو الاسماء

ثم حرق ذاكرة الشمس

اشربي قليلا من قصب السكر

باردا كعادتك

نظفي طاولة الذكرى

اغسليها بالكلور

و حذاؤك الموجع اطرحيه أرضا

دعي قدميك بلا نعل

لاتترددي

بدّلي الحجارة حصى …كسريها مطرقة

حوِّليها شظايا

و ألسنة اللهب تلفحها …تحرقها

ماءٌ فاتر بعض منه يزيل الأثر

لاوعود تتحرش بك ،لاضفاف ،لاشاراتٍ

اسكني خارج التقويم

حذاؤك الموجع اغلقي عليه الدولاب

اوصدي عليه الأبواب

أتعرفين ؟ مزقيه

كي لايلاحقك كمداس الطنبوري

أخبري الوصيفات أن المجرة مغلقة

أخبريهن عن ماء الدمع الجامد

عن أجراس أوروبا

عن النصب التذكاري

أخبريهن عن خزائن قلبك

عن دفاترك و كراساتك

عن ألوانك المفضلة

أخبريهن عن تمثال الحرية ،و هو يهديك

أقراطا من روديوم

عن نوارس بلا مرافئ

عن حوارات بيزنطية …مللتها

أخبري وصيفاتك عن عمرك غير المهدور

فأنت سيدة متخمة بدقة الشوق

و لهفة الحنين

يداك تمطران

و حقائبك مطارات صدق و أقحوان

خذي خيط الغيم

اعرجي به عاليا

على أوراق القيقب ،دثري حلمك

خبئي لغتك / صوتك / كلماتك

وابعثيها قوافل ليل

نحو السماء .

ذة : مينة الحداد